سورة الأعراف - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأعراف)


        


قوله تعالى: {فريقاً هدى} قال الفراء: نصب الفريق ب {تعودون}. وقال ابن الانباري: نصب {فريقاً} و{فريقاً} على الحال من الضمير الذي في {تعودون}، يريد: تعودون كما ابتدأ خلقكم مختلفين، بعضكم سعداء، وبعضكم أشقياء.
قوله تعالى: {حق عليهم الضلالة} أي بالكلمة القديمة، والإرادة السابقة.


قوله تعالى: {يا بني آدم خذوا زينتكم} سبب نزولها: أن ناساً من الأعراب كانوا يطوفون بالبيت عراةً، الرجال بالنهار، والنساء بالليل، وكانت المرأة تعلِّق على فرجها سيوراً، وتقول:
اليومَ يَبْدُو بَعْضُهُ أو كُلُّهُ *** وَمَا بَدا مِنْهُ فَلا أُحِلُّهُ
فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس. وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: كانوا إذا حجوا، فأفاضوا من منى، لا يصلح لأحد منهم في دينه الذي اشترعوا أن يطوف في ثوبيه، فيلقيهما حتى يقضي طوافه، فنزلت هذه الآية. وقال الزهري: كانت العرب تطوف بالبيت عراةً، إلا الحمس، قريشٌ وأحلافها، فمن جاء من غيرهم، وضع ثيابه وطاف في ثوبي أحمس، فان لم يجد من يُعيره من الحمس، ألقى ثيابه وطاف عرياناً، فان طاف في ثياب نفسه، جعلها حراماً عليه إذا قضى الطواف، فلذلك جاءت هذه الآية. وفي هذه الزينة قولان:
أحدهما: أنها الثياب. ثم فيه ثلاثة أقوال. أحدها: أنه ورد في ستر العورة في الطواف، قاله ابن عباس، والحسن في جماعة. والثاني: أنه ورد في ستر العورة في الصلاة، قاله مجاهد، والزجاج. والثالث: أنه ورد في التزين بأجمل الثياب في الجمع والأعياد، ذكره الماوردي.
والثاني: أن المراد بالزينة: المشط، قاله أبو رزين.
قوله تعالى: {وكلوا واشربوا} قال ابن السائب: كان أهل الجاهلية لا يأكلون في أيام حَجِّهم دَسَماً، ولا ينالون من الطعام إلا قوتاً، تعظيما لحجِّهم فنزل قوله: {وكلوا واشربوا} وفي قوله: {ولا تسرفوا} أربعة اقوال.
أحدها: لا تسرفوا بتحريم ما أحل لكم، قاله ابن عباس.
والثاني: لا تأكلوا حراماً، فذلك الإِسراف، قاله ابن زيد.
والثالث: لا تشركوا، فمعنى الإسراف هاهنا: الإشراك، قاله مقاتل.
والرابع: لا تأكلوا من الحلال فوق الحاجة، قاله الزجاج.
ونُقل أن الرشيد كان له طبيب نصراني حاذق، فقال لعلي بن الحسين بن واقد: ليس في كتابكم من علم الطب شيء، فقال. علي: قد جمع الله تعالى الطب في نصف آية من كتابنا. قال: ما هي؟ قال قوله تعالى: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا} قال النصراني ولا يؤثر عن نبيكم شيء من الطب، فقال: قد جمع رسولنا علم الطب في ألفاظ يسيرة قال: وما هي؟ قال: «المعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء، وعوِّدوا كل بدن ما اعتاد» فقال النصراني: ما ترك كتابكم ولا نبيكم لجالينوس طباً.
قال المصنف: هكذا نقلتُ هذه الحكاية، إلا أن هذا الحديث المذكور فيها عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لا يثبت. وقد جاءت عنه في الطب أحاديث قد ذكرتها في كتاب لقط المنافع في الطب.


قوله تعالى: {قل من حرَّم زينة الله} في سبب نزولها ثلاثة أقوال.
أحدها: أن المشركين عيَّروا المسلمين، إذ لبسوا الثياب في الطواف، وأكلوا الطيبات، فنزلت، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: أنهم كانوا يُحرِّمون أشياء أحلَّها الله، من الزروع وغيرها، فنزلت هذه الآية. رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
والثالث: نزلت في طوافهم بالبيت عراةً، قاله طاووس، وعطاء. وفي زينة الله قولان:
أحدهما: أنها ستر العورة؛ فالمعنى: من حرم أن تلبسوا في طوافكم ما يستركم؟.
والثاني: أنها زينة اللباس. وفي الطيبات قولان:
أحدهما: أنها الحلال. والثاني: المستلذ. ثم في ما عني بها ثلاثة أقوال.
أحدها: أنها البحائر، والسوائب، والوصائل، والحوامي التي حرَّموها، قاله ابن عباس، وقتادة.
والثاني: أنها السَّمْنْ، والألبان، واللحم، وكانوا حرَّموه في الإحرام، قاله ابن زيد. والثالث: الحرث، والأنعام، والألبان، قاله مقاتل.
قوله تعالى: {قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة} قال ابن الانباري: {خالصة} نصب على الحال من لام مضمرة، تقديرها: هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا مشتركة، وهي لهم في الآخرة خالصة، فحذفت اللام لوضوح معناها، كما تحذف العرب أشياء لا يُلبِس سقوطها.
قال الشاعر:
تَقُوْلُ ابْنَتِي لَمّا رَأتْنيَ شَاحِبَاً *** كأنَّكَ يَحْميْكَ الطَّعَامَ طبيبُ
تتابُعُ أحداثٍ تخرَّ مْنَ أخوتي *** فشيَّبن رَأْسي والخُطُوُبُ تُشِيْبُ
أراد: فقلت لها: الذي اكسبني ما ترين، تتابع أحداث، فحذف لانكشاف المعنى. قال المفسرون: إن المشركين شاركوا المؤمنين في الطيبات، فأكلوا ولبسوا ونكحوا، ثم يخلص الله الطيبات في الآخرة للمؤمنين، وليس للمشركين فيها شيء. وقيل: خالصة لهم من ضرر أو إِثم. وقرأ نافع: {خالصةٌ} بالرفع. قال الزجاج: ورفعُها على أنه خبر بعد خبر، كما تقول: زيد عاقل لبيب؛ والمعنى: قل هي ثابتة للذين آمنوا في الدنيا، خالصةٌ يوم القيامة.
قوله تعالى: {كذلك نفصِّل الآيات} أي: هكذا نبيِّنها.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11